قراءتي لرواية (لوليتا) للكاتب فلاديمير نابوكوف
رواية لوليتا، فلاديمير نابوكوف، الطبعة الثانية، 412 صفحة
ترجمة خالد الجبيلي
منشورات الجمل، بيروت 2012
نشرت باللغة الانجليزية عام 1955 في باريس
ترجمة خالد الجبيلي
منشورات الجمل، بيروت 2012
نشرت باللغة الانجليزية عام 1955 في باريس
عنوان هذه المذكرات الآخر هو (اعترافات رجل أرمل أبيض) كاتب هذه المذكرات هو همبرت همبرت الذي مات في السجن بسكتة قلبية في 16 نوفمبر 1952 قبل مثوله أمام المحكمة ببضعة أيام
طفلة متمردة، أم أنانية، مهووس حقير هذه هي شخصيات الرواية
وهي بالإضافة إلى كونها شخصيات تنبض بالحيوية، إلا انها أيضاً شخصيات تحذرنا من نزعات خطيرة وتبرز لنا شروراً مريعة، ومن هنا تأتي أهمية هذه الرواية لأعضاء المجتمع كمربين وآباء ليكونوا اكثر حذراً ووعياً لتربية جيل أفضل في عالم ينعم بمزيد من الأمن والطمأنينة
"لوليتا
يا نور حياتي و نار صدري
يا خطيئتي و روحي
أيتها النار المتوقدة في عروقي"
هكذا يفتتح الكاتب مذكراته.
يا نور حياتي و نار صدري
يا خطيئتي و روحي
أيتها النار المتوقدة في عروقي"
هكذا يفتتح الكاتب مذكراته.
كاتب المذكرات هو نفسه بطل الرواية همبرت همبرت وهو أديب في منتصف العمر مريض باشتهاء الأطفال، يرتبط بعلاقة جنسية مع دولوريس هايز ذات الـ 12 عاماً بعد أن أصبح زوج أمها. "لوليتا" هو لقب دولوريس الخاص. وقد أوصى الكاتب ألا يتم نشر روايته إلا بعد موته وموت دولوريس التي هربت في النهاية منه لتتركه كالمجنون وتتزوج وتؤسس أسرة مستقرة بعيداً عن ظلال الماضي البشع.
اعتمد البطل أسلوب السرد الذاتي لرواية مقاطع مجزأة لوصف أحداث مر بها، ورغم أنه حاول استعطاف القارئ بوصف أحزانه وصراعاته الداخلية، إلا أنه هو نفسه في نهاية الرواية وصف نفسه بالمهووس، واعترف ببشاعة جريمته بقوله (أكثر الأمور بؤساً في الحياة الأسرية أفضل من المحاكاة الساخرة لزنا المحارم الذي كان يتشاركه مع دولوريس)
لا يملك القارئ إلا أن يشعر بالاشمئزاز والتقزز من المواقف والمشاعر التي سردها الكاتب والتي بدت كأنها اعترافات موجهة للقاضي وهيئة المحلفين في أكثر من موقع من الرواية، رغم أنه اوصى بنشرها للعامة بشروط.
و لابد من الاعتراف أنه على الرغم من طبيعة الرواية الايروتيكية إلا أنه لم يستخدم كاتب هذه المذكرات عبارات نابية أو كلمات بذيئة. وحتى بعد الانتهاء من آخر سطر من الرواية لم أتمكن من تحديد طبيعة مشاعري تجاه هذه الرواية
تأتي اهمية هذه المذكرات من وجهة نظري من كونها تحمل بين طياتها اعترافات ووصف لمشاعر وأفكار مغتصبي الأطفال، بحيث تتيح لنا معرفة كيف يفكرون ويشعرون وكيف يبررون فعلتهم الشنعاء.
برأيي، فلا يمكن بأي شكل من الأشكال وصف العلاقة بين همبرت ودولوريس بالحب، لأسباب كثيرة سيتمكن القارئ من ادراكها خلال قراءة المذكرات، كما أنني لم استطع تبرئة دولوريس الطفلة المراهقة، كونها من قام بإغواء زوج أمها المتوفية وكونها فقدت عذريتها قبل علاقتها معه في المخيم الصيفي. لكن هذا لا ينفي انها طفلة مسكينة لم تحظَ بطفولة مستقرة هانئة أسوةً بزميلاتها بسبب شخصية أمها الأنانية وطبيعتها العنيدة ووجود الوحش همبرت في حياتها بالإضافة لصديقات السوء.
لكن لا بد من ذكر أن وصف لوليتا وحركاتها ونظراتها وكلماتها جاءت على لسان الكاتب المتورط في هذه الجريمة، فلا يمكننا الركون كلياً إلى حقيقة وواقعية روايته ووصفه للأحداث. كما أن لغته الرائعة وتعليقاته الساخرة الذكية كان لها مفعول السحر لجعل القارئ يتعاطف معه في عدة مناسبات خلال قراءة الرواية.
ورغم اشمئزازي من هذه العلاقة الشاذة، إلا أنني اعتقد بأن البطل همبرت كان مريضاً نفسياً وعنده عقدة خُلقت في تلك اللحظة التي كان فيها وهو شاب في سنوات المراهقة يقوم بممارسة الحب مع حبيبته الشابة أنابيل، حيث لم يتمكنا من إتمام لقائهما وبعدها مباشرةً مرضت حبيبته وماتت، ليجد نفسه يبحث عنها في الفتيات الصغيرات لتسكنه عقدة الانجذاب إلى ما أسماهن بالحوريات.
وظلت هذه النزعة الشاذة تسكنه، وبعد خمسة وعشرين عاماً، خاض خلالها رحلة مطولة مع العلاج النفسي ومع محاولات بائسة من أجل النجاح الأكاديمي وزواج فاشل بسيدة خانته فطلقها، حملته متاعبه المالية إلى منطقة رامسدايل النائية في الولايات المتحدة. هناك، استأجر غرفة متواضعة في منزل الأرملة شارلوت هايز أم دولوريس ليتزوجها كي يتقرب من ابنتها، وبعدها تجري الرياح بما اشتهت سفينة همبرت لتموت زوجته شارلوت في نفس لحظة قراءتها لمذكراته واكتشافها لميوله الشاذة، ليصطحب بعدها دولوريس بين الولايات ويجبرها على معاشرته بالهدايا حيناً والتهديد أحياناً، لتهرب بعدها مع كاتب مسرحي يقتله همبرت في نهاية الرواية.
و لابد من الاعتراف أنه على الرغم من طبيعة الرواية الايروتيكية إلا أنه لم يستخدم كاتب هذه المذكرات عبارات نابية أو كلمات بذيئة. وحتى بعد الانتهاء من آخر سطر من الرواية لم أتمكن من تحديد طبيعة مشاعري تجاه هذه الرواية
تأتي اهمية هذه المذكرات من وجهة نظري من كونها تحمل بين طياتها اعترافات ووصف لمشاعر وأفكار مغتصبي الأطفال، بحيث تتيح لنا معرفة كيف يفكرون ويشعرون وكيف يبررون فعلتهم الشنعاء.
برأيي، فلا يمكن بأي شكل من الأشكال وصف العلاقة بين همبرت ودولوريس بالحب، لأسباب كثيرة سيتمكن القارئ من ادراكها خلال قراءة المذكرات، كما أنني لم استطع تبرئة دولوريس الطفلة المراهقة، كونها من قام بإغواء زوج أمها المتوفية وكونها فقدت عذريتها قبل علاقتها معه في المخيم الصيفي. لكن هذا لا ينفي انها طفلة مسكينة لم تحظَ بطفولة مستقرة هانئة أسوةً بزميلاتها بسبب شخصية أمها الأنانية وطبيعتها العنيدة ووجود الوحش همبرت في حياتها بالإضافة لصديقات السوء.
لكن لا بد من ذكر أن وصف لوليتا وحركاتها ونظراتها وكلماتها جاءت على لسان الكاتب المتورط في هذه الجريمة، فلا يمكننا الركون كلياً إلى حقيقة وواقعية روايته ووصفه للأحداث. كما أن لغته الرائعة وتعليقاته الساخرة الذكية كان لها مفعول السحر لجعل القارئ يتعاطف معه في عدة مناسبات خلال قراءة الرواية.
ورغم اشمئزازي من هذه العلاقة الشاذة، إلا أنني اعتقد بأن البطل همبرت كان مريضاً نفسياً وعنده عقدة خُلقت في تلك اللحظة التي كان فيها وهو شاب في سنوات المراهقة يقوم بممارسة الحب مع حبيبته الشابة أنابيل، حيث لم يتمكنا من إتمام لقائهما وبعدها مباشرةً مرضت حبيبته وماتت، ليجد نفسه يبحث عنها في الفتيات الصغيرات لتسكنه عقدة الانجذاب إلى ما أسماهن بالحوريات.
وظلت هذه النزعة الشاذة تسكنه، وبعد خمسة وعشرين عاماً، خاض خلالها رحلة مطولة مع العلاج النفسي ومع محاولات بائسة من أجل النجاح الأكاديمي وزواج فاشل بسيدة خانته فطلقها، حملته متاعبه المالية إلى منطقة رامسدايل النائية في الولايات المتحدة. هناك، استأجر غرفة متواضعة في منزل الأرملة شارلوت هايز أم دولوريس ليتزوجها كي يتقرب من ابنتها، وبعدها تجري الرياح بما اشتهت سفينة همبرت لتموت زوجته شارلوت في نفس لحظة قراءتها لمذكراته واكتشافها لميوله الشاذة، ليصطحب بعدها دولوريس بين الولايات ويجبرها على معاشرته بالهدايا حيناً والتهديد أحياناً، لتهرب بعدها مع كاتب مسرحي يقتله همبرت في نهاية الرواية.
ولكن لا يمكن أن نعتبر عقدة همبرت التي خلقت في سنين مراهقته تبريراً لجريمتيه المقززتين اولاهما اغتصاب متكرر للطفة دولوريس وثانيتهما هي جريمة القتل التي ارتكبها بحق الكاتب المسرحي في النهاية والتي ألقي القبض عليه بسببها (حقيقةً شعرت بقرف حقيقي من وصف مشهد القتل الذي وجدته أقرب لأفلام الرعب الرخيصة)، فقد كان بإمكانه المثابرة على العلاج النفسي، كونه مثقفاً واعياً كما يظهر من خلال الرواية.
اثار استغرابي معلومة في مقدمة الرواية، لست أعلم مدى صدقها، تقول: إن ما لا يقل عن 12% من الذكور البالغين الأمريكيين وهو تقدير (متحفظ) استناداً إلى الدكتورة بلانش شوارزمان (في رواية شفوية) يمارسون سنوياً بطريقة أو بأخرى التجربة الخاصة ذاتها التي يصفها همبرت همبرت بهذه الطريقة البائسة.
وقد اقترح الدكتور جون راي الابن، والذي كتب مقدمة هذه الرواية أنه لو قام همبرت همبرت في صيف عام 1947 المشؤوم بزيارة طبيب نفساني مختص لما وقعت أي كارثة ولما رأى هذا الكتاب النور.
وقد اقترح الدكتور جون راي الابن، والذي كتب مقدمة هذه الرواية أنه لو قام همبرت همبرت في صيف عام 1947 المشؤوم بزيارة طبيب نفساني مختص لما وقعت أي كارثة ولما رأى هذا الكتاب النور.
وخلال قراءتي للريڤيوهات المتعددة حول الرواية، كعادتي مع كل كتاب أقرأه بحيث استمتع بالتعرف على آراء أشخاص آخرين حول الكتب التي أقرأها، لفت نظري رأي وجدته عميقاً رغم اعتقادي أنه بعيد عن الواقع، ألا وهو:
(نشرت الرواية سنة 1955 أي بعد خروج اوروبا من حربيين داميتين و ما عرف بمشروع مارشال لبناء اوروبا من جديد، فربما أراد الكاتب بالرواية اسقاطاً سياسياً ما فهمبرت رجلُ كهل مرّ بتجارب جعلت نفسيته خراباً يصعب اعماره من جديد، ربما أراد نابكوف أن ينتقد تعلق اوروبا العجوز بأمريكا الفتية فتحاول من خلالها "أمريكا - لوليتا" اعادة اعمار ذلك الخراب.)
(نشرت الرواية سنة 1955 أي بعد خروج اوروبا من حربيين داميتين و ما عرف بمشروع مارشال لبناء اوروبا من جديد، فربما أراد الكاتب بالرواية اسقاطاً سياسياً ما فهمبرت رجلُ كهل مرّ بتجارب جعلت نفسيته خراباً يصعب اعماره من جديد، ربما أراد نابكوف أن ينتقد تعلق اوروبا العجوز بأمريكا الفتية فتحاول من خلالها "أمريكا - لوليتا" اعادة اعمار ذلك الخراب.)
حققت رواية لوليتا مكانة كلاسيكية وأصبحت إحدى أفضل وأشهر الأمثلة المثيرة للجدل في أدب القرن العشرين. دخل الاسم الثقافة الشعبية لوصف الفتاة التي تنضج جنسياً قبل الأوان. أنتج ستانلي كوبريك الرواية كفيلم سينمائي عام 1962، ثم أنتجها أدريان لين مرة أخرى سينمائياً عام 1997. كما عرضت أكثر من مرة على خشبة المسرح، وأنتج عنها أوبراتين وعرضي باليه وعرض موسيقي فاشل على مسرح برودواي.
جدير بالذكر، أن الرواية لم تكن مجرد خيال، بل إن أحداثها وقعت بالفعل. حيث أوضح براين بويد، كاتب سيرة نابوكوف الذاتية، أن مؤلفها قام بأبحاث كثيرة تحضيراً لروايته هذه. كان يقرأ بدقة كل جرائم القتل والاعتداء الجنسي في الصحف آنذاك، إلى أن صادف حادثة الفتاة سالي هورنر (12 عاماً) من نيوجرسي التي «اعتقلها» رجل أربعيني، وهي تقوم بسرقة دفتر، وأوهمها أنه من مكتب التحقيقات الفيديرالي، ليجبرها على البقاء معه كعشيقة لعامين كاملين، والتنقل معه عبر الولايات الأميركية من نزل إلى آخر، خوفاً من أن ينفذ تهديده ويدخلها إلى سجن إصلاحي للفتيات «أمثالها». القصة التي أسرت انتباه نابوكوف، إلى حد أنه دوّنها بتفاصيلها في دفتره، تشبه إلى حد كبير ما حصل مع «لوليتا» وإن قام بتحوير بعض الأحداث.
صُنفت رواية (لوليتا) طويلاً في خانة الأدب الإيروتيكي ولكنها ليست كذلك فعلاً، كما يؤكد كاتبها والنقاد. المقاطع الحميمة فيها شحيحة، إلّا أن ثيمتها التي تفضح العلاقة المحرمة بين رجل في منتصف العمر وفتاة في الثانية عشرة من عمرها جعلتها ضمن قائمة الروايات البورنوغرافية. ولعلّ هذا هو السبب وراء رفضها من دور نشر عدة، وقيام الحكومة الفرنسية بحظرها حينذاك.
كما أن خمسة من الناشرين الأمريكيين رفضوا نشر الكتاب خوفًا من محاكمتهم بتهمة الترويج للرذيلة. وقد نشر لأول مرة في فرنسا من قبل أولمبيا برس المتخصصة في طباعة ونشر الكتب الإباحية وذلك في عام 1955. لم يكن نابوكوف يعلم بذلك بطبيعة الحال، فقد كان جلّ همه أن يجد من يطبع الكتاب، وقد ارتاح أخيرًا عندما وجد من ينشر كتابه، دون أن يدري بأن الناشر سيكون له دور (بحكم طبيعة عمله) في تكريس السمعة السيئة لكتابه!
كما أن خمسة من الناشرين الأمريكيين رفضوا نشر الكتاب خوفًا من محاكمتهم بتهمة الترويج للرذيلة. وقد نشر لأول مرة في فرنسا من قبل أولمبيا برس المتخصصة في طباعة ونشر الكتب الإباحية وذلك في عام 1955. لم يكن نابوكوف يعلم بذلك بطبيعة الحال، فقد كان جلّ همه أن يجد من يطبع الكتاب، وقد ارتاح أخيرًا عندما وجد من ينشر كتابه، دون أن يدري بأن الناشر سيكون له دور (بحكم طبيعة عمله) في تكريس السمعة السيئة لكتابه!
أدرجت رواية لوليتا في قائمة تايمز لأفضل 100 رواية باللغة الإنجليزية من 1023 حتى 2005. وقد احتلت المرتبة الرابعة في قائمة المكتبة الحديثة لعام 1998 لأفضل 100 رواية في القرن العشرين. كما أدرجت في قائمة أفضل 100 كتاب في كل العصور.
الجدير في الذكر أن الآراء تتضارب بشدة حول هذه الرواية فنجد من يعتبرها رواية مقززة رخيصة فاحشة ينبغي منعها وهذا ما حصل ولا يزال يحصل في دولٍ عديدة، والآخرون يرونها تحفة أدبية تستحق الاحتفال بها.
الجدير في الذكر أن الآراء تتضارب بشدة حول هذه الرواية فنجد من يعتبرها رواية مقززة رخيصة فاحشة ينبغي منعها وهذا ما حصل ولا يزال يحصل في دولٍ عديدة، والآخرون يرونها تحفة أدبية تستحق الاحتفال بها.
اعتراف شخصي: لم تشدني الرواية ولم تنجح في أن تختطفني من بين المشاغل اليومية
ورغم أنني تركتها اكثر من مرة لأقرأ شيئاً آخر، إلا أنني عدت إليها ولم اتركها حتى انهيتها وذلك لأن صديقاً غالياً أثق بذائقته الأدبية اقترحها عليي خلال نقاش ثقافي من نقاشاتنا الممتعة
وتبقى نصيحتي لكم أحبتي أن تخوضوا تجربة قراءة أي كتاب تسمعون عنه حتى تحكموا عليه بأنفسكم، فلكل قارئٍ ذائقته الخاصة التي تعتمد على خبراته وتربيته وثقافته وقراءاته السابقة وتفضيلاته
شكر من القلب للصديق الذي أشار عليّ بقراءة هذه الرواية، والذي لم تفارقني الآراء التي أبداها خلال حديثه عنها، طيلة فترة قراءتي لها وعلى مدار ال 412 صفحة
دمتم قارئين
محبتكم شيرين الخس
محبتكم شيرين الخس
No comments:
Post a Comment