لكلٍ منا طريقته الخاصة في التعامل مع الأزمات والضغوط النفسية التي يتعرّض لها والتي تساعده بشكلٍ أو بآخر على التكيّف مع هذه الأزمات والضغوط التي قد يجد نفسه محاطاً بها فجأةً دون سابق إنذار واختيار كما حدث مع الأبطال الثلاثة لرواية (طعام..معاناة..حب) للكاتبة التركية آسلي بيركر, وعنوانها الأصلي ( Sufle ) والتي تصحبنا على مدار 311 صفحة في رحلةٍ عميقةٍ متعبةٍ لنغوص في العوالم الداخلية لثلاثة أشخاص من بلدان مختلفة لدى كلٍ منهم أحلام وآمال وخلفيات ثقافية واجتماعية مختلفة جداً لا رابط بينهم سوى الطريقة التي اختاروها للتكيف مع الأزمات التي وجد كلٌّ منهم نفسه فجأةً محاطاً بها دون سبيلٍ للخلاص منها في المدى المنظور, هذه الطريقة المشتركة هي تجربة الطبخ وخاصة محاولاتهم المتكررة لإعداد وصفة ناجحة للسوفليه
البطلة الأولى هي ليليا الفليبينية التي تهاجر في شبابها إلى أمريكا بحثاً عن مستقبلٍ مشرق لتمر عليها السنين وتجد نفسها فجأة امرأة ستينية مجبرةً على الاعتناء بزوجها الأمريكي بارد المشاعر الذي بات عاجزاً عن الحركة دون مساعدتها, وهكذا تلجأ ليليا إلى مطبخها لتستعين على مأساتها بتجربة وصفات الطبخ الجديدة والمتنوعة مع أناسٍ من خلفيات متنوعة أحاطت نفسها بهم علّهم يذيبون الصقيع الذي يزحف إلى قلبها من حياتها الزوجية الباردة. فإلى أي مدى ستتمكن ليليا من التعايش مع كل هذا الصقيع؟ هل ينبض قلبها من جديد؟ أم أنها سوف تستسلم لقدرها؟ البطل الثاني هو مارك الفرنسي عاشق المجلات الفكاهية الذي أمضى 22 عاماً من عمره ذائباً في شخصية وعالم زوجته الحبيبة كلارا والذي كان ظلاً لها طيلة هذه الأعوام ليجد نفسه فجأةً مضطراً لمواجهة هذا العالم وحيداً بعد وفاة زوجته الصادمة, ليجد نفسه عاجزاً عن الاستمرار في الحياة بعد وفاة حبيبة روحه وصديقته الوحيدة فيعيش فترةً طويلة غارقاً في عزلة اختيارية واكتئابٍ شديدين لدرجة تجعل كل من حوله يخافون عليه من الانتحار, قبل أن يقرر أن يواجه كل هذا الحزن والتعامل معه بممارسة الطبخ الذي كان سابقاً محوراً لحياة زوجته الراحلة, هذه التجربة التي سيتعلم منها مارك الكثير
البطلة الثالثة هي فيردا المرأة التركية التي لم تعش منذ طفولتها حياةً طبيعية بسبب طبيعة أمها الصعبة حيث اعتادت هذه الأخيرة على تضخيم كل شيء وطالما استمتعت بادعائها للمرض والتعب عند أقل وعكة أو حادثة, فحرمت ابنتها من أن تحيا حياةً طبيعية كسائر صديقاتها, وهكذا وبعد مرور السنين تجد فيردا نفسها مضطرةً للاعتناء بوالدتها ذات ال 82 عاماً والتي كسرت وركها ورفضت الخضوع للعلاج الفيزيائي لسوء حظ فيردا, والتي أدركت منذ تلك اللحظة أن أصعب أيامها بدأت للتو
وتفاجئ فيردا كل يوم بمستوى أعلى من المأساة التي لا تجد لنفسها مهرباً منها سوى مطبخها الذي تلجأ إلى تجربة وصفاتٍ جديدةٍ فيه لتجد فيه متنفساً لها, لكن إلى أي مدى تفلح هذه الخطة؟ وهل ستتمكن فيردا من التكيف مع الضغط المتزايد؟
لن أحرق الأحداث المشوقة لهذه الرواية التي تتجاوز كونها روايةً عادية, لتتحول إلى رحلة في أعمق أعماق النفس الإنسانية للتعرف عن كثب على كل ما يعتمل داخلها من مشاعرٍ حيث يعيش القارئ مع الأبطال أحزانهم وآلامهم وانكساراتهم ومحاولاتهم المستميتة للتشبث بالحياة والاستمرار في محاولة العيش فيها رغم كل الصعوبات
ولابد هنا من ذكر أنني وجدت التنقل المستمر بين القصص الثلاثة متعباً في البداية, إلا أنني سرعان ما بدأت استمتع به ووجدته أضاف الكثير من التشويق والتفرّد لهذه الرواية الشيّقة.بقي أن اذكر أن رواية (طعام..معاناة...حب) ,و التي ظننها خطأً للوهلة الأولى نسخة مقلدة من الرواية ذائعة الصيت (طعام, صلاة, حب) للكاتبة اليزابيث جيلبرت والتي تحولت إلى فيلم رائع للفاتنة جوليا روبرتس, من ترجمة زينة ادريس
إن كنت ممن تشده العوالم الداخلية للبشر وممن يعشقون سبر أغوار النفس البشرية ومعايشة المشاعر الإنسانية المختلفة, فهذه الرواية ستكون بالتأكيد تجربة مميزة ستعجبك ولا شك.
شيرين الخس
لسا مخلصاها وعشقتها
ReplyDeleteSpades and Dozen - Titanium Art - TITUNICART
ReplyDeleteMore imagesAbout this website titanium nipple barbells · ICMART titanium damascus knives ·. The Art of Spades and Dozen. Spades and Dozen, titanium white octane blueprint with their names, represent different tungsten titanium aspects of the microtouch titanium game.